سورة القمر - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)}
{وَلَقَدْ جَاءهُمْ} في القرآن {مّنَ الانباء} أي أخبار القرون الخالية، أو أخبار الآخرة، والجار والمجرور في موضع الحال من ما في قوله عز وجل: {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} قدم عليه رعاية للفاصلة وتتويقًا إليه و{مِنْ} للتبعيض، أو للتبيين بناءًا على المختار من جواز تقديمه على المبين، قال الرضى: إنما جاز تقديم {مِنْ} المبينة على المبهم في نحو عندي من المال ما يكفي لأنه في الأصل صفة لمقدر أي شيء من المال، والمذكور عطف بيان للمبين المقدر قبلها ليحصل البيان بعد الإبهام أي بالله لقد جاءهم كائنًا من الأنباء ما فيه ازدجار لهم ومنع عما هم فيه من القبائح، أو موضع ازدجار ومنع، وهي أنباء التعذيب، أو أنباء الوعيد، وأصل {مُزْدَجَرٌ} مزتجر بالتاء موضع الدال وتاء الافتعال تقلب دالًا مع الدال والذال والراء للتناسب، وقرئ مزجر بقلبها زايًا وإدغام الزاي فيها، وقرأ زيد بن علي مزجر اسم فاعل من أزجر أي صار ذا زجر كأعشب صار ذا عشب.


{حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)}
{حِكْمَةٌ بالغة} أي واصلة غاية الإحكام لا خلل فيها، ورفع {حِكْمَةٌ} على أنها بدل كل، أو اشتمال من {مَا}، وقيل: من {مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4] أو خبر مبتدأ محذوف أي هي، أو هذه على أن الإشارة لما يشعر به الكلام من إرسال الرسل وإيضاح الدليل والإنذار لمن مضى، أو إلى ما في الأنباء، أو إلى الساعة المقتربة، والآية الدالة عليها كما قاله الإمام وتقدم آنفًا احتمال كونها خبرًا عن كل في قراءة زيد، وقرأ اليماني {حِكْمَةٌ بالغة} بالنصب حالًا من {مَا} فإنها موصولة أو نكرة موصوفة، ويجوز مجىء الحال منها مع تأخرها أو هو بتقدير أعني.
{فَمَا تُغْنِى النذر} نفي للإغناء أو استفهام إنكاري والفاء لترتيب عدم الإغناء على مجىء الحكمة البالغة مع كونه مظنة للإغناء وصيغة المضارع للدلالة على التجدد والاستمرار، و{مَا} على الوجه الثاني في محل نصب على أنها مفعول مطلق أي فأي إغناء تغني النذر، وجوز أن تكون في محل رفع على الابتداء، والجملة بعدها خبر، والعائد مقدر أي فما تغنيه النذر وهو جمع نذير عنى المنذر، وجوز أن يكون جمع نذير عنى الإنذار، وتعقب بأن حق المصدر أن لا يثنى ولا يجمع وأن يكون مصدرًا كالإنذار، وتعقب بأنه يأباه تأنيث الفعل المسند إليه وكونه باعتبار أنه عنى النذارة لا يخفى حاله.


{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)}
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} الفاء للسببية والمسبب التولي أو الأمر به والسبب عدم الإغناء أو العلم به، والمراد بالتولي إما عدم القتال، فالآية منسوخة، وإما ترك الجدال للجلاد فهي محكمة، والظاهر الأول {يَوْمَ يَدْعُو الداع} ظرف ليخرجون أو مفعول به لأذكر مقدرًا، وقيل: لانتظر، وجوز أن يكون ظرفًا لتغني، أو لمستقر وما بينهما اعتراض، أو ظرفًا ليقول الكافر أو لتول أي تول عن الشفاعة لهم يوم القيامة، أو هو معمول له بتقدير إلى، وعليه قول الحسن فتول عنهم إلى يوم.
والمراد استمرار التولي والكل كما ترى، والداعي إسرافيل عليه السلام، وقيل: جبرائيل عليه السلام، وقيل: ملك غيرهما موكل بذلك، وجوز أن يكون الدعاء للإعادة في ذلك اليوم كالأمر في {كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] على القول بأنه تمثيل، فالداعي حينئذٍ هو الله عز وجل، وحذفت الواو من {يَدُعُّ} لفظًا لالتقاء الساكنين ورسمًا اتباعًا للفظ، والياء من {الداع} تخفيفًا، وإجراءًا لال مجرى التنوين لأنها تعاقبه، والشيء يحمل على ضده كما يحمل على نظيره {إلى شَىْء نُّكُرٍ} أي فظيع تنكره النفوس لعدم العهد ثله وهو هول القيامة ويكنى بالنكر عن الفظيع لأنه في الغالب منكر غير معهود، وجوز أن يكون من الإنكار ضد الإقرار وأيما كان فهو وصف على فعل بضمتين وهو قليل في الصفات، ومنه روضة أنف لم ترع، ورجل شلل خفيف في الحاجة سريع حسن الصحبة طيب النفس، وسجح لين سهل، وقرأ الحسن. وابن كثير. وشبل {نُّكُرٍ} بإسكان الكاف كما قالوا: شغل وشغل، وعسر وعسر وهو إسكان تخفيف، أو السكون هو الأصل والضم للاتباع، وقرأ مجاهد. وأبو قلابة. والجحدري. وزيد بن علي {نُّكُرٍ} فعلًا ماضيًا مبنيًا للمفعول عنى أنكر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8